السبت، 31 يوليو 2010

تحليل تجربة : ضحية الزواج المتعثر

تحليل : د. سليمان المدني
في 17 يوليو 2010 نشرت على صفحات الموقع تجربة واقعية مميزة كانت قد روتها الأخت " سمسمة " وحملت عنوان: ضحية الزواج المتعثر لا أخفي سراً أنه لدى إطلاعي على تفاصيل تجربتها قبل النشر أخبرت الأستاذ كمال بأنها أمر مستعجل أو أشبه بحالة إسعاف لذلك ينبغي علينا الإسراع بنشرها رغم وجود مواضيع أخرى أقدم منها تنتظر في الطابور لتأخذ دورها في النشر. وبالفعل استجاب الأستاذ كمال مشكوراً لفكرتي.

أما لماذا تخيلت أنها حالة إسعافية ؟  فلأنني وبصراحة خفت على صاحبة القصة من ارتكاب أفعال بحق نفسها قد لا تحمد عقباها. فقد وصلت إلى مرحلة الخطر وفقدان الأمل، رغم قوة إرادتها وصلابة شخصيتها. فأي أمل لإنسانة تمتلك قوة الإرادة وعزة النفس، وفي الوقت نفسه تجد نفسها عاجزة عن العيش كامرأة عادية تمارس أبسط حقوقها الأنثوية والعاطفية. إضافة إلى أنها ملتزمة بالقيم الدينية وتؤدي فرائضها بين وقت وآخر، ومع ذلك تشعر بالهيجان وفقدان القدرة على ضبط النفس والجسد عند قراءة القرآن، وخاصة إذا كان الهدف من قراءته هو العلاج وتطهير الروح والجسد من الآثار الشيطانية العالقة به.

ولدى نشر القصة على صفحات الموقع أدلى جميع المتابعين بدلوهم ووجهات نظرهم ولكن صاحبة المشكلة غابت رغم أنني راسلتها عبر بريدها الخاص وطلبت منها الرد عبر صفحات الموقع على أسئلة القراء والمشاركين والباذلين كل جهدهم لمساعدتها.. ومع ذلك.. لا جواب .. واقفل الحديث على صفحات الموقع بتاريخ 22 يوليو 2010.

لكنني فوجئت مؤخراً ببريدي الإلكتروني يحمل إجابات عن أسئلة كنت قد طرحتها عليها منذ بداية النشر، وبالرغم من أن الإجابات لم تتناسب مع فرضياتي فقد طرحت عليها أسئلة جديدة لكن إجاباتها كانت أيضاً تدحض فرضياتي ولكن شعوري برغبتها الملحة للتعاون هذه المرة دفعني للعمل من جديد وبعيداً عن أي أسئلة أطرحها عليها.

 فرضيات التفسير

1- المس الشيطاني
سواء كان عشقاً أو سحراً أو أي شيء آخر لا نرى له أعراض عند صاحبة القصة، إلا إذا افترضنا حالة الهيجان التي تصيبها عند سماع القرآن دليل على المس، لأن هذه الأعراض شبيهة بأعراض المس، ولكن بهذه الحالة لابد من توفر معطيات أخرى غالباً ما ترافق مثل هذه الأعراض في المس الشيطاني كحالات الشرود المتكرر والحوار الذاتي مع النفس وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي والنظافة، وإطالة الأظافر.. وأشياء أخرى كثيرة غير متوفرة كالكسل وعدم القدرة على تحمل المسؤولية. بدليل أنها إنسانة ناجحة ومتفوقة اجتماعيا وعملياً ووظيفياً.

ولكن ذلك لا يمنع أن تكون قصتها لرؤية المرأة في الحمام مبرراً لاعتقادها في المس، علماً بأن قصة الحمام ليست كابوساً أو جاثوماً كما يحلو للبعض تسميته، بل هي رؤيا لشيطانة حقيقية متجسدة، ولكن تلك الحكاية حدثت وانتهت، إذ كانت الشيطانة ترغب في معاقبة الفتاة لثأر شخصي، فقد تكون الفتاة ارتكبت خطأ ما بحقها غير مقصود، ولذلك اكتفت الشيطانة بإثارة الخوف والذعر في قلب الفتاة وانتهى كل شيء، وإلا لكانت قد تواصلت معها وعذبتها دون انتظار لكل هذه السنين من جهة، وبدت معالم المس التي ذكرناها على الشخصية بشكل جلي من جهة أخرى.

2- التحليل النفسي
طبعاً نحن لا نعرف شيئاً عن حياة الوالد وكيف توفي، لكننا نفترض أن غيابه شكل فراغاً أسرياً قررت صاحبة التجربة أن تملأه شاءت أم أبت خاصة أن والدتها لم تكن كما يبدو قادرة على إعالة الأسرة في الآونة الأخيرة من حياتها، بل أضحت عبئاً لابد من تحمله وفاءً ورحمة في الوقت ذاته. وهذه الظروف التي فرضت نفسها عليها أدت بالتالي إلى نشوء حالة من التحصين لديها ضد الحياة العاطفية، لأنها تدرك في أعماقها بأن أي لهو عاطفي يعيق رسالتها النبيلة حسب تصورها، وبأنها لم تخلق لتكون امرأة عادية.. بل مميزة.. وساهم في تجسيد هذه الشخصية مقولة (امرأة بمائة رجل)، بحيث أنها لم تكتف بعملها الوظيفي بل أنشأت لنفسها مشروعاً إضافياً لا يتسع معه الوقت لأي عبث أو لهو اجتماعي، فقد أضحت سيدة أعمال متفوقة وترسخ في أعماقها أنها أقوى من الرجال.

ولكن القالب الاجتماعي التقليدي يفرض عليها الزواج، ومعنى الزواج بنظرها هو وجود رجل قيم عليها من جهة، ويشاركها عواطفها الدفينة من جهة ثانية. وهذا ما ترفضه بأعماقها ولاوعيها. ففي الزواج الأول الذي لم يستمر سوى لساعات قليلة كانت قد اتخذت قراراً شبه واع فحواه: بما أن الزواج أمر لا مفر منه، وأنه سيكون زواجاً شكلياً، ونظراً لاختيارها رجلاً أدنى منها ولا يمتلك مقومات السيادة ليمارسها عليها. فقد وافقت على الزواج منه دون مقدمات، ووسط ذهول واستغراب ودهشة الجميع الذين كانوا يرون أنها تستحق رجلاً أفضل منه بكثير، نظراً لموقعها الاجتماعي والوظيفي ولمسحة الجمال التي تغمرها، ولكن وبرغم هذه الميزات التي تفوق به على هذا الرجل حدث ما لم يتوقعه أحد. حيث قام هذا الرجل الذي هو أدنى منها بالعديد من المقاييس التي تراها هي على الأقل، بتوجيه طعنة لكبريائها وذلك بإرسال ورقة الطلاق لها صبيحة اليوم التالي، وحتى الآن لا تعرف كما أخبرتني سبب ذلك الطلاق.

وطبعاً ليست مهمتنا هنا أن نستقصي عن أسباب الرجل ومبرراته ودوافعه للطلاق، إلا أن هذا الحدث الفضائحي والمثير للكثير من الأسئلة والذي شكل لها إهانة في صميم كرامتها، عمق الشرخ اللاشعوري لديها ضد الرجال.

أما الزواج الثاني الذي حدث بعد تردد طويل ومحاولات كثيرة منها لعدم إتمامه، ووفاة والدتها التي كانت مبرراً لزواجها بحجة أنها كانت تريد الاطمئنان عليها قبل أن تموت، هذا الزواج قد ولد ميتاً بالأصل، لأنه زواج بدون مقومات، زواج حدث تقديراً ورداً للجميل لمواقف الزوج بعد طول صبر وإلحاح، إضافة لكونها لمست لديه حباً وحناناً كانت تفتقده منذ زمن طويل.

ولكن هذا كله لا يعني أن تستسلم له ليضاجعها كرجل وامرأة.. فهي أسمى من ذلك بكثير، إن في أعماقها ذئبة تأبى أن تتحول إلى نعجة.. هذه الذئبة المختبئة بلا شعورها قادرة على الدفاع عن نفسها حتى وإن أرادت المرأة في حالتها الواعية التهاون والاستسلام لمصيرها الأنثوي. وهذا ما يبرر حالة الهيجان التي تنتابها عندما يرغب زوجها بمضاجعتها. حيث يبدأ الصراع بين شخصيتها الواعية والشخصية الدفينة، لدرجة أنها تآمرت مع زوجها على خداع الشخصية الدفينة بأن تتناول عقاراً منوماً ثم يضاجعها وهي فاقدة للوعي..بحيث لا تتحمل الشخصية الواعية مسؤولية الاستسلام أمام الشخصية الدفينة. ومع ذلك.. ورغم كونها نائمة ومخدرة.. فإن لاوعيها المتمثل بالشخصية الدفينة كان يقاوم الاستسلام لدرجة استحال معها على الزوج أن يفض بكارتها.

الحل
إن الحل الوحيد والعلاج الأمثل هو أن تتصالح مع نفسها وتتخذ قراراتها الاجتماعية بأن تكون أنثى حقيقية بكامل مقومات الأنوثة.. وأن تكثر من قراءة القصص العاطفية والرومانسية، ومشاهدة الأفلام الاجتماعية والكوميدية والعاطفية، وأن تتواصل مع النساء المحيطة بها بألفة وود ومحبة، لا بنظرة استعلاء عليهن.. وأن تبذل كل ما بوسعها لإيجاد مخزون معلوماتي جديد وإيجابي في أعماقها ولا شعورها حتى يكبح بدوره الأفكار السيادية السلبية المضادة. وإذا ما اتبعت هذه النصائح فإنها في خلال أشهر قليلة ستتحول إلى إنسانة طبيعية بإذن الله.

نبذة عن د.سليمان المدني
يحمل د. سليمان المدني (58 سنة) دبلوم دراسات عليا في الباراسيكولوجيا (ما وراء النفس) من كلية ولاية نيويورك ، ولديه من الخبرة 30 سنة حيث زاول العلاج بطريقة التنويم المغناطيسي واكتسب مع الوقت طرقاً للتمييز بين حالات المس الشيطاني والحالات النفسية الأخرى كما عالج ما يسمى بحالة "المس الشيطاني" بالتنويم المغناطيسي. وأصدر العديد من المؤلفات حول التنويم وتفسير الأحلام والتقمص وآخر مؤلفاته (الصيدلية الروحية) الصادر عن دار دمشق عام 2010 ويزود موقع ما وراء الطبيعة بخبرته في هذا المجال كخبير معتمد فيه.

 تحليلات أخرى لـ د.سليمان المدني
- ضحية الإختطاف المتكرر

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .